المرأة العربية وحداثة القرن الواحد والعشرين
حملت الألفية الثالثة في مستهلها تباشير مرحلة جديدة لتطور المراة العربية تتضح في وعي لا يستهان به ببدء مرحلة جديدة لتطور المراة العربية فمنذ فشل عقد القمة الثاني للأمم المتحدة نتيجة تدني مشاركة المراة في التنمية وإقرارها عام 1975 عاما للمراة بدا التحرك الايجابي الحثيث حيث عقد للمرأة مؤتمر من 1976 - 1985 تحت شعار المساواة والتنمية والسلام، عقدت خلاله ثلاث مؤتمرات دولية
واقر المؤتمر العالمي الثالث للمرأة والذي عقد في نيروبي عام 1985 استراتيجية تطور المراة لعام 2000.
إن الوثائق المنبثقة عن المؤتمرات الدولية التي عقدت خلال العقدين الأخيرين كما تقول الأستاذة املي نفاع (ابتداءً بمؤتمر المكسيك ومروراً بمؤتمر كوبنهاجن ونيروبي وفينا والقاهرة وانتهاءً بمؤتمر بكين، أكدت بأن وضع النساء في جميع أقطار العالم، مرتهن بالظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية السائدة. كما بينت بأنه من المتعذر الحديث عن مصير الإنسانية وتقدمها، دون التطرق إلى وضع المرأة ومعالجة المشاكل التي تعيق تقدمها ومشاركتها الفعلية في التنمية).
كما أن انعقاد قمة المرأة العربية وما سبقها من منتديات (حقوق المرأة والقانون ، المرأة والسياسة ، المرأة والمجتمع ، المرأة والإعلام ، المرأة العربية في بلاد المهجر) هي خطوات واثبة لخلق أرضية صلبة من الوعي الاجتماعي لإقرار قيام منظمة المراة العربية والتي تم الإعلان عنها في نوفمبر 2001.
إذن فالتوجهات الدولية التي عكستها نتائج المؤتمرات الدولية المتعلقة بالمرأة ومن ضمنها المؤتمر الدولي للسكان والتنمية لم تكن تقليدا لتجمع أو جمهرة النساء بل إن آثارها تجلت في أكثر من موضع انعكس على واقع المراة ولفت الأنظار إلى قضاياها .
غير انه إذا شاءت المراة أن تحقق الحداثة في القرن الواحد والعشرين فعليها أن تعي أن الحداثة هي مفهوم عام للتطور الداخلي النابع من المجتمع ذاته ففي الغرب حين قامت الحداثة كنمط حضاري منذ بداية القرن السادس عشر رسخت وتوسعت بتحولات تراكمية لم تستورد من الخارج أو تفرض عليه وعلى ذلك فان حداثة المراة في القرن الجديد يجب ألا تستورد من الخارج بل من الداخل حيث توجد منابع وقواعد ثابتة من نور تعاليم الإسلام لكل العصور .
ولئن دخل العالم القرن الجديد بتطلعات مستقبلية يرجوها فأن المرأة العربية قد بدأت تخطو خطوات قوية باتجاه تمكينها في المجتمع وقد بدأت اليوم نضالا مختلفا عن نضالها بالأمس البعيد.
إن المرأة التي بدأت الثورة الزراعية كما قرر المؤرخ (ديورانت) فأطعمت عائلتها من جوع وأدخلت البشرية إلى الحضارة، لتتجاوز مرحلة (الصيد وجمع الثمار) و التي مارست الريادة في الإسلام فكانت أول من آمن بالرسول وأول من استشهد في سبيل الإسلام و المرجعية العلمية للمسلمين في علوم الشريعة إبان سقوط الأندلس ،حيث كانت "مسلمة أبده" و"مسلمة آبلة" معلمتان تخرج على أيديهن كثيرًا من الدعاة المسلمين ،كانت في الغرب محور مؤتمر يعقد في روما في القرن السابع الميلادي ليقرر " أنها كائن لا نفس له " وهي " رجس كبير " ، لكن الثقافات المجتمعية في العالم اجمع شرقه وغربه وقفت حائلا دون تطور المراة والاستسلام لقيود التقاليد أسهم في استمرار الآثار السلبية لعدم إشراك المرأة بدور حقيقي في نهضة مجتمعها ، بينما الثقافة الإسلامية أعطت المرأة حقوقها و نبينا الكريم -ص- أعطى للمرأة تقديرا ودورا فاعلا في جميع مناشط الحياة ( التجارة ، التعليم ، الطب ، التمريض ، السياسة ) مما جعل المستشرق " ريفيل " يقول : " لو رجعنا إلى زمن هذا النبي ، لما وجدنا عملا أفاد النساء أكثر مما فعله هذا الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالنساء مدينات لنبيهن بأمور كثيرة رفعت مكانتهن بين الناس " . وكتبت جريدة المونيتور الفرنسية مرة تصور احترام الإسلام ونبيه للمرأة فتقول : " لقد أحدث الإسلام ونبيه تغييرا شاملا في احترام المرأة العربية في المجتمع الإسلامي ، فمنحها حقوقا واسعة ، تفوق في جوهرها الحقوق التي منحناها للمرأة الفرنسية " هذا ما كان من تاريخ المراة المسلمة في قرون خلت فماذا عن قرننا هذا بكل ما يحمل من ثورات التقدم والحضارة كيف للمرأة العربية أن تخطو في القرن الواحد والعشرين بخطى ثابتة وفق مرجعية دينية قويمة ؟
كيف يمكن لها أن تغير من وضعها المرتهن بالظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية السائدة بشكل عام ؟
كيف يمكن التخلص من المشاكل الخاصة الناجمة عن التمييز الصارخ الذي تتعرض له المراة وما يترتب عليه من إشكالات كالعنف والفقر والأمية ؟
بنظرة سريعة إلى ( مؤشرات التنمية البشرية لتمكين المرأة تحقق المساواة) والتي قدمتها د بلقيس بدري
في دراسة موسعة ندرك حجم التحديات وتفاوت النسب وتحرك ايجابي في بعض المناحي ( في مجال الصحة نجد أن نسبة وفيات الأمهات تقدر بـ 278.4 في كل مائة ألف ولادة. وتوجد 20 مليون طفلة تتعرض إلى عادة الختان الضارة.
وفي مجال التعليم قد بلغ التحسن في نسب الالتحاق بالتعليم الابتدائي أكثر من الضعف،من 34.4% في عام 1960م ليصل إلى 75.2% في عام 1995. لكن يُلاحظ التميز بين الإناث والذكور حين يوضح المتوسط أن من بين 100 ولد يلتحقون بالمدارس الابتدائية تلتحق 64 فتاة فقط. كما ان مساهمة المرأة في المناصب التنفيذية العليا والسياسية ضئيلة حيث تبلغ مشاركة المرأة في البرلمانات في دول غرب آسيا في المتوسط 15%، وفى الدول العربية الأفريقية تتراوح النسب بين 1% و 3% و8% ، أما المشاركة في المجالس المحلية فهي تتراوح بين 10و13% في الدول التي لها بيانات في ذلك. أما ترقى المرأة إلى مناصب تنفيذية إدارية عليا فتتراوح النسبة بين 20% في مصر كأعلى نسبة وتتأرجح في دول أخرى بين 7% و10%، وتتقلص مشاركتها في الشؤون الخارجية وتحدد اكبر نسبة للدبلوماسيات في مصر ب 14% .
أما عن مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي فتعتبر في المتوسط 16% وهى من أقل النسب في العالم. )
على أن منظمة العمل الدولية أصدرت تقريرا يوضح أن عدد النساء من القوة العاملة لا يزال يرتفع بصورة مستمرة ومتزايدة لتسجل سوق العمل نسبة67% من إجمالي عدد النساء في الفئة العمرية من20 وحتي54 عاما كسيدات خبيرات في الفترة من عام1990 وحتي الآن، ومن المتوقع أن تتزايد هذه النسبة لتصل إلي70% .
ومع كل هذه التحديات التي لا زالت تواجه المرأة من خلال واقع يحتاج إلى التغير السليم نجد أن هذا القرن حمل في بداياته تحركا ايجابيا وتجارب مجتمعية استطاعت أن تؤسس للمرأة قاعدة تنطلق منها إلى المشاركة في التنمية إذ تشير الباحثة اللبنانية زينب جمعة (إلى تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران في مجال تطوير قوانينها للأحوال الشخصية، ، استنادًا إلى الفقه الإسلامي من خلال اجتهادات جديدة تتناسب مع وضعية المرأة في عصرنا الحاضر، وإنشاء محاكم استشارية خاصة بشؤون الأسرة لتسهيل البث بدعاوى الطلاق، وقيدت القوانين بضوابط - ، وعملت على إنصاف المرأة بوسائط قوانين بسيطة لا تحتاج للكثير من التغيير على الصعيد التشريعي، ) ومن هنا فالمرأة الإيرانية استطاعت أن تكون نموذجا لرفض الموروث القيمي الذي لا يتفق مع سماحة الإسلام فتحقق تطورا ووجودا قويا في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بينما لم تستطع نساء عربيات في مناطق أخرى تحقيق ذلك . بيد أن المراة ليست وحدها المسئولة عن إحداث التغيير الأيدلوجي في المجتمع فبالرغم من تقدم المجتمعات العربية في مجال التقنية إلا أن الموروث الاجتماعي في بعضها ما زال مقدسا .
لقد أثبتت التجارب بأن عمليات التغيير السياسية والاقتصادية، ، لم تحدث تبدلا جوهرياً في دور المرأة لأن التغيير لم يستطع دك حواجز المفاهيم والقيم الثقافية الخرسانية .وحتى وان سعت المجتمعات إلى سن القوانين فتبقى المشكلة في آلية التنفيذ وتقبل المجتمع للتغيير.
لقد صادقت إحدى عشر دولة عربية من الأعضاء في جامعة الدول العربية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو(CEDAW) ) لكن أحدا منها لم يضع آليات فاعلة لتطبيق بنودها،.
إذن فالمراة وحدها لن تستطيع أن تصنع مستقبلها التطوري في القرن الجديد مالم يساندها مجتمع مدرك لمكانتها وقدراتها ودورها في القرن الجديد.
لقد شهدت العقود الأخيرة من القرن العشرين تزايد اهتمام الدول العربية ومؤسسات العمل العربي المشترك بأوضاع المرأة فعلى صعيد جامعة الدول العربية، أنشئت إدارة خاصة بشؤون المرأة والأسرة كما أصدرت جامعة الدول العربية الاتفاقية العربية لسنة 1979. وقد عمدت معظم الدول العربية إلى تشجيع إقامة اتحادات نسائية وجمعيات تعنى بشؤون المرأة.
إلا أن طريق المراة العربية ما زال غير ممهدا فهناك عقبات مجتمعية لا بد لها من تجاوزها بعضها يتعلق بوعيها وإرادتها والآخر يتعلق بالمجتمع ووعيه وإرادته .
فحين تنعدم أو تضعف مشاركة المرأة في رسم السياسة المحلية وفي العلاقات الخارجية فان دورها لا يكتمل في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، وحين تقدم العادات والأعراف رؤية مشوهة للتعاليم الدينية، ويرضخ المجتمع لها فان الظلم يظل قابعا يجثم على المراة ، وحين يعجز الإعلام في زمن الثورة المعلوماتية عن تغيير بثه للصورة النمطية المشوهة للمراة لا تستطيع المراة أن تكافح للوصول إلى وضع جدير بقدراتها ،كما وان وعي المرأة بحقوقها جزء هام من استراتيجية تطورها حيث يساهم جهلها بحقوقها وانتشار الأمية إلى ضعف مطالبتها للحقوق المشروعة.
إن مفتاح القرن الجديد هو في العلم والوعي وهما ركيزتان لانطلاقة المراة عبر عالم جديد من المشاركة في التنمية وصنع القرار المحرك والنا شط في سياسة المجتمع .
حملت الألفية الثالثة في مستهلها تباشير مرحلة جديدة لتطور المراة العربية تتضح في وعي لا يستهان به ببدء مرحلة جديدة لتطور المراة العربية فمنذ فشل عقد القمة الثاني للأمم المتحدة نتيجة تدني مشاركة المراة في التنمية وإقرارها عام 1975 عاما للمراة بدا التحرك الايجابي الحثيث حيث عقد للمرأة مؤتمر من 1976 - 1985 تحت شعار المساواة والتنمية والسلام، عقدت خلاله ثلاث مؤتمرات دولية
واقر المؤتمر العالمي الثالث للمرأة والذي عقد في نيروبي عام 1985 استراتيجية تطور المراة لعام 2000.
إن الوثائق المنبثقة عن المؤتمرات الدولية التي عقدت خلال العقدين الأخيرين كما تقول الأستاذة املي نفاع (ابتداءً بمؤتمر المكسيك ومروراً بمؤتمر كوبنهاجن ونيروبي وفينا والقاهرة وانتهاءً بمؤتمر بكين، أكدت بأن وضع النساء في جميع أقطار العالم، مرتهن بالظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية السائدة. كما بينت بأنه من المتعذر الحديث عن مصير الإنسانية وتقدمها، دون التطرق إلى وضع المرأة ومعالجة المشاكل التي تعيق تقدمها ومشاركتها الفعلية في التنمية).
كما أن انعقاد قمة المرأة العربية وما سبقها من منتديات (حقوق المرأة والقانون ، المرأة والسياسة ، المرأة والمجتمع ، المرأة والإعلام ، المرأة العربية في بلاد المهجر) هي خطوات واثبة لخلق أرضية صلبة من الوعي الاجتماعي لإقرار قيام منظمة المراة العربية والتي تم الإعلان عنها في نوفمبر 2001.
إذن فالتوجهات الدولية التي عكستها نتائج المؤتمرات الدولية المتعلقة بالمرأة ومن ضمنها المؤتمر الدولي للسكان والتنمية لم تكن تقليدا لتجمع أو جمهرة النساء بل إن آثارها تجلت في أكثر من موضع انعكس على واقع المراة ولفت الأنظار إلى قضاياها .
غير انه إذا شاءت المراة أن تحقق الحداثة في القرن الواحد والعشرين فعليها أن تعي أن الحداثة هي مفهوم عام للتطور الداخلي النابع من المجتمع ذاته ففي الغرب حين قامت الحداثة كنمط حضاري منذ بداية القرن السادس عشر رسخت وتوسعت بتحولات تراكمية لم تستورد من الخارج أو تفرض عليه وعلى ذلك فان حداثة المراة في القرن الجديد يجب ألا تستورد من الخارج بل من الداخل حيث توجد منابع وقواعد ثابتة من نور تعاليم الإسلام لكل العصور .
ولئن دخل العالم القرن الجديد بتطلعات مستقبلية يرجوها فأن المرأة العربية قد بدأت تخطو خطوات قوية باتجاه تمكينها في المجتمع وقد بدأت اليوم نضالا مختلفا عن نضالها بالأمس البعيد.
إن المرأة التي بدأت الثورة الزراعية كما قرر المؤرخ (ديورانت) فأطعمت عائلتها من جوع وأدخلت البشرية إلى الحضارة، لتتجاوز مرحلة (الصيد وجمع الثمار) و التي مارست الريادة في الإسلام فكانت أول من آمن بالرسول وأول من استشهد في سبيل الإسلام و المرجعية العلمية للمسلمين في علوم الشريعة إبان سقوط الأندلس ،حيث كانت "مسلمة أبده" و"مسلمة آبلة" معلمتان تخرج على أيديهن كثيرًا من الدعاة المسلمين ،كانت في الغرب محور مؤتمر يعقد في روما في القرن السابع الميلادي ليقرر " أنها كائن لا نفس له " وهي " رجس كبير " ، لكن الثقافات المجتمعية في العالم اجمع شرقه وغربه وقفت حائلا دون تطور المراة والاستسلام لقيود التقاليد أسهم في استمرار الآثار السلبية لعدم إشراك المرأة بدور حقيقي في نهضة مجتمعها ، بينما الثقافة الإسلامية أعطت المرأة حقوقها و نبينا الكريم -ص- أعطى للمرأة تقديرا ودورا فاعلا في جميع مناشط الحياة ( التجارة ، التعليم ، الطب ، التمريض ، السياسة ) مما جعل المستشرق " ريفيل " يقول : " لو رجعنا إلى زمن هذا النبي ، لما وجدنا عملا أفاد النساء أكثر مما فعله هذا الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالنساء مدينات لنبيهن بأمور كثيرة رفعت مكانتهن بين الناس " . وكتبت جريدة المونيتور الفرنسية مرة تصور احترام الإسلام ونبيه للمرأة فتقول : " لقد أحدث الإسلام ونبيه تغييرا شاملا في احترام المرأة العربية في المجتمع الإسلامي ، فمنحها حقوقا واسعة ، تفوق في جوهرها الحقوق التي منحناها للمرأة الفرنسية " هذا ما كان من تاريخ المراة المسلمة في قرون خلت فماذا عن قرننا هذا بكل ما يحمل من ثورات التقدم والحضارة كيف للمرأة العربية أن تخطو في القرن الواحد والعشرين بخطى ثابتة وفق مرجعية دينية قويمة ؟
كيف يمكن لها أن تغير من وضعها المرتهن بالظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية السائدة بشكل عام ؟
كيف يمكن التخلص من المشاكل الخاصة الناجمة عن التمييز الصارخ الذي تتعرض له المراة وما يترتب عليه من إشكالات كالعنف والفقر والأمية ؟
بنظرة سريعة إلى ( مؤشرات التنمية البشرية لتمكين المرأة تحقق المساواة) والتي قدمتها د بلقيس بدري
في دراسة موسعة ندرك حجم التحديات وتفاوت النسب وتحرك ايجابي في بعض المناحي ( في مجال الصحة نجد أن نسبة وفيات الأمهات تقدر بـ 278.4 في كل مائة ألف ولادة. وتوجد 20 مليون طفلة تتعرض إلى عادة الختان الضارة.
وفي مجال التعليم قد بلغ التحسن في نسب الالتحاق بالتعليم الابتدائي أكثر من الضعف،من 34.4% في عام 1960م ليصل إلى 75.2% في عام 1995. لكن يُلاحظ التميز بين الإناث والذكور حين يوضح المتوسط أن من بين 100 ولد يلتحقون بالمدارس الابتدائية تلتحق 64 فتاة فقط. كما ان مساهمة المرأة في المناصب التنفيذية العليا والسياسية ضئيلة حيث تبلغ مشاركة المرأة في البرلمانات في دول غرب آسيا في المتوسط 15%، وفى الدول العربية الأفريقية تتراوح النسب بين 1% و 3% و8% ، أما المشاركة في المجالس المحلية فهي تتراوح بين 10و13% في الدول التي لها بيانات في ذلك. أما ترقى المرأة إلى مناصب تنفيذية إدارية عليا فتتراوح النسبة بين 20% في مصر كأعلى نسبة وتتأرجح في دول أخرى بين 7% و10%، وتتقلص مشاركتها في الشؤون الخارجية وتحدد اكبر نسبة للدبلوماسيات في مصر ب 14% .
أما عن مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي فتعتبر في المتوسط 16% وهى من أقل النسب في العالم. )
على أن منظمة العمل الدولية أصدرت تقريرا يوضح أن عدد النساء من القوة العاملة لا يزال يرتفع بصورة مستمرة ومتزايدة لتسجل سوق العمل نسبة67% من إجمالي عدد النساء في الفئة العمرية من20 وحتي54 عاما كسيدات خبيرات في الفترة من عام1990 وحتي الآن، ومن المتوقع أن تتزايد هذه النسبة لتصل إلي70% .
ومع كل هذه التحديات التي لا زالت تواجه المرأة من خلال واقع يحتاج إلى التغير السليم نجد أن هذا القرن حمل في بداياته تحركا ايجابيا وتجارب مجتمعية استطاعت أن تؤسس للمرأة قاعدة تنطلق منها إلى المشاركة في التنمية إذ تشير الباحثة اللبنانية زينب جمعة (إلى تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران في مجال تطوير قوانينها للأحوال الشخصية، ، استنادًا إلى الفقه الإسلامي من خلال اجتهادات جديدة تتناسب مع وضعية المرأة في عصرنا الحاضر، وإنشاء محاكم استشارية خاصة بشؤون الأسرة لتسهيل البث بدعاوى الطلاق، وقيدت القوانين بضوابط - ، وعملت على إنصاف المرأة بوسائط قوانين بسيطة لا تحتاج للكثير من التغيير على الصعيد التشريعي، ) ومن هنا فالمرأة الإيرانية استطاعت أن تكون نموذجا لرفض الموروث القيمي الذي لا يتفق مع سماحة الإسلام فتحقق تطورا ووجودا قويا في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بينما لم تستطع نساء عربيات في مناطق أخرى تحقيق ذلك . بيد أن المراة ليست وحدها المسئولة عن إحداث التغيير الأيدلوجي في المجتمع فبالرغم من تقدم المجتمعات العربية في مجال التقنية إلا أن الموروث الاجتماعي في بعضها ما زال مقدسا .
لقد أثبتت التجارب بأن عمليات التغيير السياسية والاقتصادية، ، لم تحدث تبدلا جوهرياً في دور المرأة لأن التغيير لم يستطع دك حواجز المفاهيم والقيم الثقافية الخرسانية .وحتى وان سعت المجتمعات إلى سن القوانين فتبقى المشكلة في آلية التنفيذ وتقبل المجتمع للتغيير.
لقد صادقت إحدى عشر دولة عربية من الأعضاء في جامعة الدول العربية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو(CEDAW) ) لكن أحدا منها لم يضع آليات فاعلة لتطبيق بنودها،.
إذن فالمراة وحدها لن تستطيع أن تصنع مستقبلها التطوري في القرن الجديد مالم يساندها مجتمع مدرك لمكانتها وقدراتها ودورها في القرن الجديد.
لقد شهدت العقود الأخيرة من القرن العشرين تزايد اهتمام الدول العربية ومؤسسات العمل العربي المشترك بأوضاع المرأة فعلى صعيد جامعة الدول العربية، أنشئت إدارة خاصة بشؤون المرأة والأسرة كما أصدرت جامعة الدول العربية الاتفاقية العربية لسنة 1979. وقد عمدت معظم الدول العربية إلى تشجيع إقامة اتحادات نسائية وجمعيات تعنى بشؤون المرأة.
إلا أن طريق المراة العربية ما زال غير ممهدا فهناك عقبات مجتمعية لا بد لها من تجاوزها بعضها يتعلق بوعيها وإرادتها والآخر يتعلق بالمجتمع ووعيه وإرادته .
فحين تنعدم أو تضعف مشاركة المرأة في رسم السياسة المحلية وفي العلاقات الخارجية فان دورها لا يكتمل في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، وحين تقدم العادات والأعراف رؤية مشوهة للتعاليم الدينية، ويرضخ المجتمع لها فان الظلم يظل قابعا يجثم على المراة ، وحين يعجز الإعلام في زمن الثورة المعلوماتية عن تغيير بثه للصورة النمطية المشوهة للمراة لا تستطيع المراة أن تكافح للوصول إلى وضع جدير بقدراتها ،كما وان وعي المرأة بحقوقها جزء هام من استراتيجية تطورها حيث يساهم جهلها بحقوقها وانتشار الأمية إلى ضعف مطالبتها للحقوق المشروعة.
إن مفتاح القرن الجديد هو في العلم والوعي وهما ركيزتان لانطلاقة المراة عبر عالم جديد من المشاركة في التنمية وصنع القرار المحرك والنا شط في سياسة المجتمع .